الروح في بدن آخر وذلك المعبر عنه بالبدن الثاني - ومعناه صورة أخرى شفافة لطيفة مشابهة لصورة البدن - فدليله في ذلك رواية، بل روايات، منها: ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في خبر ورد فيه أنه (عليه السلام) سأل بعض أصحابه عما يقول الناس في أرواح المؤمنين بعد موتهم، فقال: يقولون في حواصل طيور خضر.
فقال: " سبحان الله، المؤمن أكرم على الله من ذلك، إلى أن قال (عليه السلام): فإذا قبضه الله إليه صير تلك الروح إلى الجنة في صورة كصورته " الخبر (1).
وأما قول من قال: إن المعذب هو الروح المستقلة فقد ينحل قوله إلى قولين:
قول بأن الروح نفسها تتجسد فيقع عليها مباشرة الثواب والعقاب، ودليل هذا القول رواية أبي بصير، عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: " إن الأرواح في صفة الأجساد في شجر الجنة تتعارف وتسأل، فإذا قدمت الروح على الأرواح تقول: دعوها فإنها أقبلت من هول عظيم، ثم يسألونها: ما فعل فلان وفلان؟ فإن قالت لهم: تركته، ارتجوه، وإن قالت لهم: قد هلك، قالوا: قد هوى، قد هوى " (2).
والقول الآخر: إن الروح وهي في بدنها تعذب أو تثاب ويكون مثالها في الحس الرؤيا المنامية، فإن المعذب والمنعم هو الروح لكن في ظرف البدن، وقد جاءت رواية في الكافي: أن الرؤيا المنامية لم تكن موجودة وإنما حدثت لأجل قصة في واقعة مضمونها: أن نبيا من الأنبياء كذبه قومه حيث بشرهم بالثواب وأنذرهم بالعقاب، وهزأوا منه، وسخروا به، واستبعدوا ذلك عند الموت، فخلق الله تعالى الرؤيا تنبيها لهم على تنعم الأرواح أو عذابها ليصدقوه.