أولية، مثل: الكل أعظم من الجزء، وكل زوج منقسم بمتساويين، أم كانت نظرية فكرية كاحتياج العالم إلى صانع، ومثل: قبح الظلم وحسن الإحسان، وأمثال ذلك، ولا أريد أن أقف تجاه هذه الأمور موقف الشرح والتحليل فإن نظرة قصيرة إلى ما حرره العلماء فيما ألفوه من علمي الفقه والأصول تعطي القارئ عنها درسا واضحا كل الوضوح.
وهذه الأمور الأربعة هي النقطة التي تكون ملتقى الاتفاق بين الشيعة وبين إخوانهم من أهل السنة والجماعة فإنها كما هي مدارك الأحكام عند الشيعة هي أيضا مدارك الأحكام عند أهل السنة والجماعة، لكن أهل السنة لا يكتفون بهذا القدر، بل يزيدون عليه العمل بالقياس، فالعمل بالقياس هو مفترق الطرق بين الفريقين، فأهل السنة سوغوه واستساغوه ولم يستسغه الشيعة، نظرا إلى أن القياس إعمال للرأي في الدين، ودين الله لا يصاب بالعقول، فالقياس ممحقة للسنة وبدعة في الدين، كما صرحت نصوصهم الصحيحة الصريحة الواردة على لسان النبي وأبنائه الطاهرين.
وعلى كل حال، فالقياس هو مفترق الطريق، وهو نقطة الخلاف بين الفريقين، وكل من الفريقين أقام على ما يدعيه دليلا أو شبه دليل، أو نقول على الأصح: أقام بعضهم شبهة ألبسها لباس الدليل.
وقبل الخوض في استعراض ما أقام هؤلاء وهؤلاء من الدليل أو شبه الدليل على ما يراه من إباحة أو تحريم، لزم علينا أن نعرف ما هو القياس، وإلا كان حكما على موضوع مجهول، والحكم على المجهول فاقد الفائدة عديم الانتفاع.
نقول: إن المراد بالقياس هو الحجة التصديقية المعبر عنها في لسان المنطقيين ب " التمثيل "، فالتمثيل في لسان المنطقيين هو القياس في لسان الفقهاء، وذلك أنه تشريك جزئي مع جزئي آخر في الحكم لاشتراكهما في علة الحكم، مثل: تشريك