بقاء الغرس بالآخرة ضررا على صاحب الأرض وتداركه، كي يعارض به ضرر التخليص، فيصير قاعدة التسلط مرجعا وذلك لأن استيفاء منفعة ملك الغير، من أنحاء انتفاعه بملكه، بخلاف تنقيص ملكه بقلع، أو كسر مع الأرش، فإنه اضرار به مع الجبر، فلا يكون الحكم ببقاء الغرس بالأجرة وعدم جواز قلعه بالأرش، إلا حجر المالك بهذا المقدار، لقاعدة نفي الضرر والضرار، بخلاف الحكم بالقلع بالأرش، فإنه مخالف لهذه القاعدة، وقاعدة التسلط.
فإن القلع بدون رضاء مالك الغرس، على خلاف تسلطه على ماله، وإن كان من جهة تخليص أرضه على وفق القاعدة، ومن المعلوم أن قاعدة نفي الضرر، تقدم على قاعدة التسلط، كسائر القواعد.
لا يقال: ربما يوجب حجر المغبون، وعدم تسلطه على تخليص أرضه، ضررا عليه، لأجل نقص قيمة الأرض أحيانا بذلك.
فإنه يقال: لا بأس به، فإن الضرر الناشئ من قبل حجر المالك بقاعدة نفي الضرر، لا ينفى بها، كما يظهر من رواية سمرة بن جندب 1، فتأمل.
وقد انقدح بما ذكرنا، أنه لا فرق بين ما نحن فيه، وبين مسألة التفليس، حيث ذهب الأكثر فيها إلى أنه ليس للبايع الفاسخ، قلع الغرس، ولو مع الأرش. وما ذكره من الفرق، يكون حدوث ملك الغرس في ملك متزلزل فيما نحن فيه، فحق المغبون، إنما تعلق بالأرض قبل الغرس، بخلاف مسألة التفليس فيه، إنه ليس للمغبون حق في الأرض أصلا، وإنما كان له الخيار، وحق فسخ العقد، أو مجرد جواز فسخه، أو استرداد العين، بلا تعلق حق له بالعين، كما مرت إليه الإشارة، فتدبر جيدا.
قوله (قدس سره): (من حصول الاشتراك قهرا لو كانا لمالكين - الخ -).
قد عرفت أن قضية الفسخ، هو رجوع كل من العوضين إلى ملك صاحبه الأول حقيقة، أو تقديرا، فالأجزاء الخلية هيهنا بالفسخ يصير ملكا للآخر، فيحصل الاشتراك قهرا، حيث كان كل من الممتزجين لمالك، كما