ثم إنه لا يلزم على هذا مخالفة لقاعدة (العقود تابعة للقصود)، فإنه أيضا مفصود، غايته أنه ليس بالمقصود الأقصى.
إن قلت: كيف ادراج هذه المرتبة في العقد، مع أنه لا يكاد تدرج في إرادته من مثل (وقفت كذا) مع وضوح تبعية للقصد.
قلت: لا بد في ادراجه فيه وقصده من دلالة أخرى، وهي كون الواقف بصدد جعلها صدقة جارية ينتفع بها، والعين غالبا بنفسها لا تصلح لذلك، لكونها في معرض الخراب، وغيره مما ينسد به باب الانتفاع بها، فيكون قرينة على حبسها بنفسها، ما لم يطرء مثل ذلك، وببدلها فيما إذا طرء، فافهم. وبالجملة فالوقف لا ينافي جواز البيع، إلا فيما إذا لم يكن هناك طار أصلا، وأما مع طروه فلم يظهر أنه ينافيه، ويأتي تفصيل القول فيه، في ذيل كلامه - ره - والاجماع أيضا لم يقم إلا على عدم الجواز كذلك، والأخبار الدالة على المنع 1، وإن كانت مطلقة، إلا أن اطلاقها، ليس بلحاظ الطواري، فلا مجال للتمسك به في الحكم بعدم الجواز مع أحدها عند الشك فيه بلا اشكال، فلم يبق إلا أصالة عدم الجواز الثابت قبل طروها، فلا بد من ابتاعها إلى أن يقوم دليل على الجواز.
قوله (قدس سره): (والحاصل إن جواز بيعه تبعا غير مناف لما قصده الواقف - الخ -).
وذلك أنه وإن أخذ في حقيقة الوقف بقاء العين الموقوفة، إلا أنه فيما إذا لم يؤد إلى انعدامها أصلا، وأما فيما يؤدي إليه، فإن كان البقاء مما لا بد منه في الوقف، فلا محيص عن أن يكون بماليتها لا بنفسها، كما لا يخفى، غاية الأمر لا بد من بقائها بنفسها ما دام يمكن، ولا يؤدي إلى التلف، وبماليتها وبدلها فيما يؤدي، كيف وليس هذا الحبس، إلا لأجل الانتفاع بها، فكيف يوجد فيما يوجب ضياع أصل العين. وبالجملة دعوى القطع بأن أخذ حبس العين بشخصها في الوقف، إنما يكون ما دام لم يؤد إلى الانعدام، وإلا فيبدلها