ومن الذكر: المنتشر الناعظ قال أبو عمرو: اكرهف الذكر: إذا انتشر، وأنشد:
* قنفاء فيش مكرهف حوقها * * إذا تمأت وبدا مفلوقها * قال شيخنا قوله: " من الذكر " صوابه من الذكور، كما لا يخفى، ولو جوز وقوع المفرد موقع الجمع مراعاة للجنس، ك " يولون الدبر " (1) لكنه اعترض بمثله في سلع أيضا، فلذلك يجري مذهبه واعتراضه عليه. والله أعلم.
[كسف]: الكسفة، بالكسر: القطعة من الشيء قال الفراء: وسمعت أعرابيا يقول: أعطني كسفة من ثوبك: يريد قطعة، كقولك: خرقة، وسئل أبو الهيثم عن قولهم: كسفت الثوب أي: قطعته، فقال: كل شيء قطعته فقد كسفته، وقال أبو عمرو: يقال لخرقة القميص قبل أن تؤلف: الكسفة، والكيفة، والحذفة (2) ج: كسف بالكسر، قال الفراء: وقد يكون الكسف جماعا للكسفة، مثل عبشة وعشب ويجمع أيضا على كسف بكسر ففتح، ومنه قوله تعالى: (أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا) (3) قرأها هنا بفتح السين أبو جعفر، ونافع، وأبو بكر، وابن ذكوان، وفي الروم بالإسكان أبو جعفر وابن ذكوان، وقرأ بالفتح إلا في الطور حفص، فمن قرأ مثقلا جعله جمع كسفة، كفلقة وفلق وهي القطعة والجانب، ومن قرأ مخففا فهو على التوحيد، وقوله: جج أي: جمع الجمع أكساف كعنب وأعناب وكسوف كأنه قال: نسقطها طبقا علينا، والذي يفهم من سياق الصاغاني أن الأكساف والكسوف جمعان لكسف، على أنه واحد، فتأمل.
وكسفه أي: الثوب يكسفه: قطعه قاله أبو الهيثم.
وكسف عرقوبه: عرقبه وقيل: قطع عقبه دون سائر الرجل، يقال: استدبر فرسه فكسف عرقوبيه، ومنه الحديث: " أن صفوان كسف عرقوب راحلته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أحرج (4) وأنشد الليث:
* ويكسف عرقوب الجواد بمخذم * وكسف الشمس والقمر كسوفا: احتجبا وذهب ضوءهما واسودا كانكسفا وقال الليث: بعض الناس يقول: انكسفت الشمس، وهو خطأ، وهكذا قاله القزاز في جامعه، وتبعهما الجوهري في الصحاح وأشار إليه الجلال في التوشيح، وقد رد عليهم الأزهري، وقال: كيف يكون خطأ وقد ورد في الكلام الفصيح، والحديث الصحيح، وهو ما رواه جابر رضي الله عنه: " انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " في حديث طويل، وكذلك رواه أبو عبيد انكسفت.
وكسف الله تعالى إياهما: حجبهما. يتعدى ولا يتعدى، نقله الجوهري، وقد تكرر في الحديث ذكر الكسوف والخسوف للشمس والقمر، فرواه جماعة فيهما بالكاف، وآخرون فيهما بالخاء، ورواه جماعة في الشمس بالكاف، وفي القمر بالخاء، وكلهم رووا: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ".
والأحسن والأكثر في اللغة - وهو اختيار الفراء - في القمر: خسف، وفي الشمس: كسفت يقال: كسفت الشمس، وكسفها الله وانكسفت، وخسف القمر، وخسفه الله تعالى، وانخسف، وورد في طريق آخر: " إن الشمس والقمر لا ينخسفان (5) لموت أحد ولا لحياته " قال ابن الأثير: خسف القمر: إذا كان الفعل له، وخسف على ما لم يسم فاعله، قال: وقد ورد الخسوف في الحديث كثيرا للشمس، والمعروف لها في اللغة الكسوف، قال: فأما إطلاقه في مثل هذا فتغليبا للقمر، لتذكيره على تأنيث الشمس، يجمع بينهما فيما يخص القمر، وللمعارضة أيضا، لما جاء في الرواية الأولى: لا ينكسفان قال: وأما إطلاق الخسوف على الشمس منفردة فلاشتراك الخسوف والكسوف في معنى ذهاب نورهما وإظلامهما، وقد تقدم عامة هذا البحث في " خسف ".
ومن المجاز: كسفت حاله: أي ساءت وتغيرت، نقله الجوهري.
ومن المجاز أيضا: كسف فلان: إذا نكس طرفه.