وشاهد الثالثة، قول كعب بن مالك الأنصاري:
نطيع نبينا ونطيع ربا * هو الرحمن كان بنا رؤوفا أو الرأفة: أشد الرحمة [أو أرقها] (1) كما في الصحاح، والذي في المجمل: أنها مطلق الرحمة وأخص، ولا تكاد تقع في الكراهية، والرحمة قد تقع في الكراهية للمصلحة، وقال الفخر الرازي: الرأفة: مبالغة في رحمة مخصوصة، من دفع المكروه، وإزالة الضر، وإنما ذكر الرحمة بعدها ليكون أعم وأشمل، نقله الفناري في حواشي المطول، قال: وهو الأنسب لنظم القرآن، قال شيخنا: وفيه رد على الناصر البيضاوي، في قوله: إنه أخر لمراعاة الفواصل، وهذا ليس من شأن الكلام البليغ، فتأمل.
ورأف الله تعالى بك، مثلثة، نقله الجوهري، عن أبي زيد، وقال: كل من كلام العرب، قال الأزهري: ومن لين الهمزة قال: روف، فجعلها واوا، منهم من يقول: راف، يراف، رافا (2)، وهو قول أبي زيد أيضا، يقال أيضا: رواف الله بك، رأفة، ورأفة (3)، ورأفا محركة، أي: فيهما، كما هو مقتضى سياقة، والصواب أن الثاني بالمد، كما هو في الصحاح، واللسان، والعباب، وبه قرأ الخليل.
وهو رأف، بالفتح، وكندس، وكتف، وصبور، وصاحب، وقد تقدم شاهد الأولى الثانية، والرابعة.
* ومما يستدرك عليه:
الرؤوف، من الأسماء الحسنى: هو الرحيم لعباده، العطوف عليهم بألطافه. وتراءف الوالد بولده، ويقال: ما لبني فلان لا يتراءفون، واسترأفه: استعطفه.
[رجف]: رجف الشيء: حرك، وتحرك، لازم متعد، قال ابن دريد: رجف القلب: إذا اضطرب شديدا من فزع، وقال الليث: رجف الشيء رجفا ورجفانا، وزاد غير الليث: رجوفا، بالضم، ورجيفا، قال: كرجفان (4) البعير تحت الرحل.
وكما يرجف الشجر إذا رجفته الريح، وكما ترجف الأسنان إذا نغضت أصولها (5)، ونحو ذلك تحركه كله رجف.
رجفت الأرض: زلزلت، ومنه قوله تعالى: (يوم ترجف الأرض والجبال) (6)، كأرجفت، عن ابن الأعرابي.
رجف القوم: تهيؤوا للحرب، نقله الليث، وهو مجاز. قال: والرعد يرجف، رجفا، ورجيفا: ترددت هدهدته في السحاب، ويقال: سحاب رجوف، أي يرجف بالرعد، وقيل: يرجف من كثرة الماء، قال صخر الغي الهذلي:
إلى عمرين إلى غيقة * بيليل يهدي ربحلا رجوفا (7) والرجفة: الزلزلة، وقال الليث: الرجفة في القرآن: كل عذاب أخذ قوما فهو رجفة وصيحة وصاعقة، قال الفراء في تفسير قوله تعالى: (يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة) (8) الراجفة: النفخة الأولى وهي التي تموت لها الخلائق. والرادفة: النفخة الثانية، التي يحيون لها يوم القيامة، وسيذكر قريبا، وقال أبو إسحاق: الراجفة: الأرض ترجف، تتحرك حركة شديدة، وقال مجاهد: هي الزلزلة.
الرجاف، كشداد: اسم البحر، سمي به لاضطرابه، قال (9) الجوهري: زاد غيره: وتحرك أمواجه، اسم كالقذاف، وأنشد للشاعر، وهو ابن الزبعري (10)، ويروى