الأسى، وقد حرمت علينا جديد العرى، فإن تسأل فها أنا كما ترى، قد شمتت فينا الأعداء، ونترقب الموت صباحا ومساء. ثم قال (عليه السلام): قد أصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمدا (صلى الله عليه وآله) منهم، وأصبحت قريش تفتخر على سائر الناس، بأن محمدا (صلى الله عليه وآله) منهم، ونحن أهل بيته أصبحنا مقتولين مظلومين! قد حللت بنا الرزايا، نساق سبايا، ونجلب هدايا! كأن حسبنا من أسقط الحسب! ونسبنا من أرذل النسب! كأن لم نكن على هام المجد رقينا، وعلى بساط جليل سعينا، وأصبح الملك ليزيد - لعنه الله - وجنوده، وأصبحت بنو المصطفى (صلى الله عليه وآله)، من أدنى عبيده. (1) (ومن خطبة له (عليه السلام)) (في الإحتجاج على أهل الكوفة، وفيها بيان غدرهم) قال حذيم (2) بن شريك الأسدي: خرج زين العابدين (عليه السلام) إلى الناس، وأومئ إليهم أن اسكتوا فسكتوا - وهو قائم -، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه، ثم قال:
أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين، المذبوح بشط الفرات من غير ذحل (3) ولا ترات، أنا ابن من أنتهك حريمه، وسلب نعيمه، وانتهب ماله، وسبي عياله، أنا ابن من قتل صبرا (4)، وكفى بذلك فخرا. أيها الناس، ناشدتكم بالله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه! وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة! وقاتلتموه وخذلتموه، فتبا لكم ما قدمتم لأنفسكم، وسوأة لرأيكم، بأية عين تنظرون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ يقول لكم: قتلتم عترتي، وانتهكتم حرمتي، فلستم من أمتي؟!