(ومن كلام له (عليه السلام)) (في النهي عن الاغترار بما يعمله المرائي) قال: إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه، وتماوت في منطقه، وتخاضع في حركاته، فرويدا لا يغرنكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا، وركوب الحرام منها، لضعف نيته (1) ومهانته، وجبن قلبه، فنصب الدين فخا لها، فهو لا يزال يختل (2) الناس بظاهره، فإن تمكن من حرام اقتحمه، وإذا وجدتموه يعف المال الحرام فرويدا لا يغرنكم، فإن شهوات الخلق مختلفة، فما أكثر من ينبو عن المال الحرام وإن كثر، ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة، فيأتي منها محرما، فإذا وجدتموه يعف عن ذلك، فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا ما عقده عقله، فما أكثر من ترك ذلك أجمع، ثم لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله، فإذا وجدتم عقله متينا، فرويدا لا يغرنكم حتى تنظروا أمع هواه يكون عقله، أم يكون مع عقله هواه؟ وكيف محبته للرياسات الباطلة وزهده فيها، فإن في الناس من خسر الدنيا والآخرة، يترك الدنيا للدنيا، ويرى أن لذة الرياسة الباطلة، أفضل من لذة الأموال، والنعم المباحة المحللة، فيترك ذلك أجمع طلبا للرياسة، حتى إذا قيل له: اتق الله (أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد) (3)، فهو يخبط خبط عشواء، يقوده أول باطل إلى أبعد غايات الخسارة، ويمده ربه (4) بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه، فهو يحل ما حرم الله، ويحرم ما أحل الله، لا يبالي ما فات من دينه، إذا سلمت له
(٤٥)