48. وأما حق من ساءك القضاء على يديه بقول أو فعل:
فإن كان تعمدها، كان العفو أولى بك لما فيه له من القمع وحسن الأدب مع كثير من أمثاله من الخلق، فإن الله يقول: (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) (1) إلى قوله عز وجل: (من عزم الأمور) (2)، وقال عز وجل: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم بهى ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) (3).
هذا في العمد، فإن لم يكن عمدا، لم تظلمه بتعمد الانتصار منه، فتكون قد كافأته في تعمد على خطأ، ورفقت به ورددته بألطف ما تقدر عليه، ولا قوة إلا بالله.
ثم حق بقية الناس 49. وأما حق أهل ملتك عامة:
فإضمار السلامة، ونشر جناح الرحمة، والرفق بمسيئهم، وتألفهم واستصلاحهم، وشكر محسنهم إلى نفسه وإليك، فإن إحسانه إلى نفسه إحسانه إليك إذا كف عنك أذاه وكفاك مؤنته، وحبس عنك نفسه فعمهم جميعا بدعوتك، وانصرهم جميعا بنصرتك، وأنزلهم جميعا منك منازلهم، كبيرهم بمنزلة الوالد، وصغيرهم بمنزلة الولد، وأوسطهم بمنزلة الأخ، فمن أتاك تعاهدته بلطف ورحمة، وصل أخاك بما يجب للأخ على أخيه.
50. وأما حق أهل الذمة:
فالحكم فيهم أن تقبل منهم ما قبل الله، وتفي بما جعل الله لهم من ذمته وعهده، وتكلهم إليه فيما طلبوا من أنفسهم وأجبروا عليه، وتحكم فيهم بما حكم الله به على نفسك فيما جرى بينك وبينهم من معاملة، وليكن بينك وبين ظلمهم