(ومن خطبة له (عليه السلام)) (في الشام أيضا في نسخة أخرى) بعد أن صعد الخطيب المنبر، فخطب ونزل، فتكلم الإمام معه فاعتذر. ثم صعد الإمام المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه. وقال:
أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي، فأنا علي بن الحسين بن علي المرتضى - صلوات الله عليه وسلامه -، أنا ابن من حج ولبى، أنا ابن من طاف وسعى، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن فاطمة الزهراء. أنا ابن المذبوح من القفا، أنا ابن العطشان حتى قضى، أنا ابن من منعوه عن الماء وأحلوه على سائر الورى، أنا ابن محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله)، أنا ابن صريع كربلاء، أنا ابن من راحت أنصاره تحت الثرى، أنا ابن من غدت حريمه أسرى، أنا ابن من ذبحت أطفاله من غير سوء، أنا ابن من أضرم الأعداء في خيمته لظى، أنا ابن من أضحى صريعا بالعرى (1)، أنا ابن من لا له غسل ولا كفن يرى، أنا ابن من رفعوا رأسه على القنا، أنا ابن من هتك حريمه بأرض كربلاء، أنا ابن من جسمه بأرض ورأسه بأخرى، أنا ابن من لا يرى حوله غير الأعداء، أنا ابن من سبيت حريمه وإلى الشام تهدى، أنا ابن من لا ناصر له ولا حمى. ثم بكى وقال:
أيها الناس، قد فضلنا الله بخمس خصال: فينا والله مختلف الملائكة، ومعدن الرسالة، وفينا نزلت الآيات، ونحن قدنا العالمين للهدى، وفينا الشجاعة فلم نخف بأسا، وفينا البراعة والفصاحة، إذا افتخر الفصحاء، وفينا الهدى إلى سواء السبيل، والعلم لمن أراد أن يستفيد علما، والمحبة في قلوب المؤمنين من الورى، ولنا الشأن الأعلى في الأرض والسماء، ولولانا ما خلق الله الدنيا، وكل فخر دون فخرنا يهوى، ومحبنا يسقى، ومبغضنا يوم القيامة يشقى.