بلاغة الإمام علي بن الحسين (ع) - جعفر عباس الحائري - الصفحة ٢١٠
237. ورأى (عليه السلام): الحسن البصري عند الحجر الأسود يقص، فقال (عليه السلام): يا هناه (1)، أترضى نفسك للموت؟ قال: لا، قال: فعملك للحساب؟ قال: لا.
قال: فثم دار العمل؟ قال: لا. قال: فلله في الأرض معاذ غير هذا البيت؟ قال:
لا. قال: فلم تشغل الناس عن الطواف؟ ثم مضى.
قال الحسن: ما دخل مسامعي مثل هذه الكلمات من أحد قط، أتعرفون هذا الرجل؟ قالوا: هذا زين العابدين.
فقال الحسن: ذرية بعضها من بعض. (2) 238. ولقى عباد البصري الإمام (عليه السلام) في طريق مكة، فقال له: يا علي بن الحسين، تركت الجهاد وصعوبته، وأقبلت على الحج ولينه، وإن الله عز وجل يقول:
(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون) (3) إلى قوله: (وبشر المؤمنين). (4) فقال (عليه السلام): اقرأ ما بعدها: (التلبون العبدون) (5) إلى آخرها.
ثم قال (عليه السلام): إذا ظهر هؤلاء، لم نؤثر على الجهاد شيئا. (6) وفي رواية: إذا رأينا هؤلاء الذين صفتهم هذه، فالجهاد معهم أفضل من

1. " يا هناه ": أي يا هذا، فهذه اللفظة لا تستعمل إلا في النداء، فلا تقال: هذا هناه ولا مررت بهناه، وإنما يكنون بهذه الكلمة عن اسم نكره، كما يكنون بفلان عن الاسم العلم، وهي مع ذلك كلمة ذم. قال امرؤ القيس:
قد رابني قولها يا هنا * ه ويحك ألحقت شرا بشر فمعنى قولها: " يا هناه " أي: يا رجل سوء، كما في معجم النحو.
2. مناقب آل أبي طالب، ابن شهرآشوب، ج 3، ص 297؛ عنه بحار الأنوار، ج 46، ص 132.
3 - 5. التوبة: 111 - 112.
6. الاحتجاج، ج 2، ص 45؛ مناقب آل أبي طالب، ابن شهرآشوب، ج 3، ص 298؛ بحار الأنوار، ج 46، ص 116.
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست