بلاغة الإمام علي بن الحسين (ع) - جعفر عباس الحائري - الصفحة ١٨٨
رداؤه عن منكبه، فلم يسوه حتى فرغ من صلاته، فقلت له في ذلك؟
فقال (عليه السلام): ويحك، أتدري بين يدي من كنت! إن العبد لا تقبل منه صلاة، إلا ما أقبل فيها.
فقلت: - جعلت فداك! - إذا هلكنا.
فقال (عليه السلام): كلا، إن الله يتم ذلك بالنوافل (1). (2) 168. قال (عليه السلام): المراء يفسد الصداقة البعيدة، ويحل العقدة الوثيقة، وأقل ما فيه أن تكون به المغالبة، والمغالبة من أمتن أسباب القطيعة. (3) 169. ورأى الزهري علي بن الحسين (عليهما السلام) في ليلة باردة ممطرة، وعلى ظهره دقيق، يريد أن يتصدق به على الفقراء، فقال: يا بن رسول الله، ما هذا؟
قال (عليه السلام): أريد سفرا أعد له زادا، أحمله إلى موضع حريز. (4) قال: فهذا غلامي يحمله عنك، فأبى. فقال: أنا أحمله عنك، فإني أرفعك عن حمله.
فقال (عليه السلام): لكني لا أرفع نفسي عما ينجيني في سفري، ويحسن ورودي على ما أرد عليه، أسألك بحق الله لما مضيت بحاجتك وتركتني، فانصرف.
فلما كان بعد أيام قال: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثرا.

1. قال الإمام الباقر (عليه السلام): إنما جعلت النافلة ليتم بها ما يفسد من الفريضة. وقال الإمام الصادق (عليه السلام): يرفع للرجل من الصلاة ربعها أو ثمنها أو نصفها، أو أكثر بقدر ماسها، ولكن الله يتم ذلك بالنوافل. (وسائل الشيعة، ج 3، ص 54) وذكر المجلسي في رسالته الاعتقادية: اعلم يا أخي إن النوافل اليومية، وصلاة الليل، متممة للفرائض، وهي من سنن النبي، لم يتركها إلى أن مضى من الدنيا، فلا تتركها، فإن تركتها فاقض حيث ما تيسرت.
2. تهذيب الأحكام، ج 2، ص 342، ح 1415؛ بحار الأنوار، ج 46، ص 62؛ و ج 84، ص 265.
3. نزهة الناظر، ص 139؛ أعلام الدين، ص 311؛ بحار الأنوار، ج 78، ص 369.
4. " الحرز ": الموضع الحصين. يقال: هذا ما حرز حريز.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست