وقد خلت من قبلكم الأمم.
أترجو نجاة من حياة سقيمة * وسهم المنايا للخليقة راشق (1) سرورك موصول بفقدان لذة * ومن دون ما تهواه تأتي العوائق وحبك للدنيا غرور وباطل * وفي ضمنها للراغبين البوائق (2) أفي الحياة طمع؟ أم إلى الخلود نزع؟ أم لما فات مرتجع؟ ورحى المنون دائرة، وأفراسها غائرة، وسطواتها قاهرة، فقرب الزاد ليوم المعاد، ولا تتوط على غير مهاد، وتعمد للصواب، وحقق الجواب، فلكل أجل كتاب: (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) (3).
فسوف تلاقي حاكما ليس عنده * سوى العدل لا يخفى عليه المنافق يميز أفعال العباد بلطفه * ويظهر منه عند ذاك الحقائق فمن حسنت أفعاله فهو فائز * ومن قبحت أفعاله فهو زاهق أين السلف الماضون؟ والأهل والأقربون؟ والأولون والآخرون؟ والأنبياء والمرسلون؟ طحنتهم والله المنون، وتوالت عليهم السنون، وفقدتهم العيون، وإنا إليهم لصائرون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
إذا كان هذا نهج من كان قبلنا * فإنا على آثارهم نتلاحق فكن عالما إن سوف تدرك من مضى * ولو عصمتك الراسيات الشواهق (4) فما هذه دار المقامة فاعلمن * ولو عمر الإنسان ما ذر شارق (5)