وعانيت ما حل بهم المصيبات.
وفي ذكر هول الموت والقبر والبلى * عن اللهو واللذات للمرء زاجر أبعد اقتراب الأربعين تربص * وشيب القذال (1) منذ ذلك ذاعر كأنك معني بما هو ضائر * لنفسك عمدا أو عن الرشد حائر أنظر إلى الأمم الماضية، والقرون الفانية، والملوك العاتية، كيف إنتفتهم (2) الأيام، فأفناهم الحمام (3)، فأمحت (4) من الدنيا آثارهم، وبقيت فيها أخبارهم.
وأضحوا (5) رميما في التراب وأقفرت * مجالس منهم عطلت ومقاصر وحلوا بدار لا تزاور بينهم * وأنى لسكان القبور التزاور فما إن ترى إلا قبورا (6) ثووا بها * مسطحة (7) تسفي عليها الأعاصر كم عاينت من ذي منعة وسلطان (8)، وجنود وأعوان، تمكن من دنياه، ونال فيها ما تمناه، وبنى فيها القصور والدساكر، وجمع فيها الأموال (9) والذخائر، وملح السراري والحرائر.
فما صرفت كف المنية إذ أتت * مبادرة تهوى إليه الذخائر ولا دفعت أهل الحصون التي بنى * وحفت بها أنهارها (10) والدساكر (11)