بلاغة الإمام علي بن الحسين (ع) - جعفر عباس الحائري - الصفحة ١١٢
لا تخرجون من قدرة الله إلى غير قدرته، وسيرى الله عملكم ثم إليه تحشرون، فانتفعوا بالعظة، وتأدبوا بآداب الصالحين. (1) (كتابه (عليه السلام)) (إلى محمد بن مسلم الزهري (2) يعظه) كفانا الله وإياك من الفتن، ورحمك من النار، فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك، فقد أثقلتك نعم الله بما أصح من بدنك، وأطال من عمرك، وقامت عليك حجج الله بما حملك من كتابه، وفقهك فيه من دينه، وعرفك من سنة نبيه محمد (صلى الله عليه وآله)، فرضى (3) لك في كل نعمة أنعم بها عليك، وفي كل حجة احتج بها عليك الفرض بما قضى، فما قضى إلا ابتلى شكرك في ذلك، وأبدى فيك فضله عليك، فقال تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد). (4) فانظر أي رجل تكون غدا إذا وقفت بين يدي الله، فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها، وعن حججه عليك كيف قضيتها، ولا تحسبن الله قابلا منك بالتعذير، وراضيا منك بالتقصير، هيهات هيهات! ليس كذلك، أخذ على العلماء في كتابه إذ قال تعالى: (لتبيننه للناس ولا تكتمونه). (5)

١. الأمالي، المفيد، ص ٢٠٠؛ الكافي، ج ٨، ص ١٥؛ تحف العقول، ص 252.
2. الزهري بالضم والسكون الفقيه التابعي المدني، وقد ذكره علماء الجمهور وأثنوا عليه كما في الكنى وألقاب ج 2 ص 27 ط صيدا للمحدث القمي، وأما علماؤنا فقد ضعفوه ولم يقيموا له وزنا، ويقول الحائري في منتهى المقال في ترجمته: لا ريب في عداوته ونصبه لأمير المؤمنين (عليه السلام) وقال المقرم في الإمام زين العابدين (عليه السلام) ومن جميع ما تقدم جزم شيخنا المامقاني في التنقيح بتلونه وعدم استقامة رأيه، ولد سنة 58 وتوفي سنة 1204.
3. في نسخة: " وفرض ".
4. إبراهيم: 7.
5. آل عمران: 187.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست