22. وأما حق أبيك:
فأن تعلم أنه أصلك، وأنك فرعه، وأنك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، واحمد الله واشكره على قدر ذلك، ولا قوة إلا بالله.
23. وأما حق ولدك:
فأن تعلم أنه منك، ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب، والدلالة على ربه، والمعونة له على طاعته فيك وفي نفسه، فمثاب على ذلك ومعاقب، فاعمل في أمره عمل المتزين بحسن أثره عليه في عاجل الدنيا، المعذر إلى ربه - فيما بينك وبينه - بحسن القيام عليه، والأخذ له منه، ولا قوة إلا بالله.
24. وأما حق أخيك:
فأن تعلم أنه يدك التي تبسطها، وظهرك الذي تلتجئ إليه، وعزك الذي تعتمد عليه، وقوتك التي تصول بها، فلا تتخذه سلاحا على معصية الله، ولا عدة للظلم بحق الله، ولا تدع نصرته على نفسه، ومعونته على عدوه، والحول بينه وبين شياطينه، وتأدية النصيحة إليه، والإقبال عليه في الله، فإن انقاد إلى ربه، وأحسن الإجابة له، وإلا فليكن الله آثر عندك، وأكرم عليك منه.
25. وأما حق المنعم عليك بالولاء:
فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله، وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وأنسها، وأطلقك من أسر الملكة، وفك عنك حلق العبودية، وأوجدك رائحة العز، وأخرجك من سجن القهر، ودفع عنك العسر، وبسط لك لسان الإنصاف، وأباحك الدنيا كلها، فملكك نفسك، وحل أسرك، وفرغك لعبادة ربك، واحتمل بذلك التقصير في ماله، فتعلم أنه أولى الخلق بك، بعد أولي رحمك في حياتك وموتك، وأحق الخلق بنصرك ومعونتك، ومكانفتك (1) في ذات الله، فلا تؤثر عليه