دعوته، وكنت خصم نفسك له، والحاكم عليها، والشاهد له بحقه دون شهادة الشهود، فإن ذلك حق الله عليك، وإن كان ما يدعيه باطلا رفقت به وروعته (1)، وناشدته بدينه، وكسرت حدته عنك بذكر الله، وألقيت حشو الكلام ولغطه الذي لا يرد عنك عادية عدوك، بل تبوء (2) بإثمه، وبه يشحذ عليك سيف عداوته؛ لأن لفظة السوء تبعث الشر، والخير مقمعة للشر، ولا قوة إلا بالله.
38. وأما حق الخصم المدعى عليه:
فإن كان ما تدعيه حقا، أجملت في مقاولته بمخرج الدعوى، فإن للدعوى غلظة في سمع المدعى عليه، وقصدت قصد حجتك بالرفق، وأمهل المهلة، وأبين البيان، وألطف اللطف، ولم تتشاغل عن حجتك بمنازعته بالقيل والقال، فتذهب عنك حجتك، ولا يكون لك في ذلك درك، ولا قوة إلا بالله.
ثم حق المشاورة والنصيحة 39. وأما حق المستشير:
فإن حضرك له وجه رأي، جهدت له في النصيحة، وأشرت عليه بما تعلم، أنك لو كنت مكانه عملت به، ليكن ذلك منك في رحمة ولين، فإن اللين يؤنس الوحشة، وإن الغلظ يوحش موضع الأنس، وإن لم يحضرك له رأي، وعرفت له من تثق برأيه، وترضى به لنفسك، دللته عليه، وأرشدته إليه، فكنت لم تأله خيرا، ولم تدخره نصحا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
40. وأما حق المشير عليك:
فلا تتهمه فيما لا يوافقك عليه من رأيه إذا أشار عليك، فإنما هي الآراء، وتصرف الناس فيها واختلافهم، فكن عليه في رأيه بالخيار إذا اتهمت رأيه، فأما