والستر على جرائر حداثته، فإنه سبب للتوبة والمداراة له، وترك مما حكته، فإن ذلك أدنى لرشده.
ثم حق السائل والمسؤول 45. وأما حق السائل:
فإعطاؤه إذا تهيأت (1) صدقة، وقدرت على سد حاجته، والدعاء له فيما نزل به، والمعاونة له على طلبته، وإن شككت في صدقه، وسبقت إليه التهمة له، ولم تعزم على ذلك، لم تأمن أن يكون من كيد الشيطان، أراد أن يصدك عن حظك، ويحول بينك وبين التقرب إلى ربك، فتركته بستره، ورددته ردا جميلا، وإن غلبت نفسك في أمره، وأعطيته على ما عرض في نفسك منه، فإن ذلك من عزم الأمور.
46. وأما حق المسؤول:
فحقه إن أعطى قبل منه ما أعطى بالشكر له، والمعرفة لفضله، وطلب وجه العذر في منعه، وأحسن به الظن، واعلم أنه إن منع فماله منع، وإن ليس التثريب (2) في ماله، وإن كان ظالما، فإن الإنسان لظلوم كفار.
47. وأما حق من سرك الله به وعلى يديه:
فإن كان تعمدها لك حمدت الله أولا، ثم شكرته على ذلك، بقدره في موضع الجزاء، وكافأته على فضل الابتداء، وأرصدت له المكافأة، وإن لم يكن تعمدها، حمدت الله أولا، ثم شكرته، وعلمت أنه منه توحدك بها، وأحببت هذا إذ كان سببا من أسباب نعم الله عليك، وترجو له بعد ذلك خيرا، فإن أسباب النعم بركة حيث ما كانت، وإن كان لم يتعمد، ولا قوة إلا بالله.