وشديد امتحانك، ألا وإن أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده؟ وعن نبيك الذي أرسل إليك؟ وعن دينك الذي كنت تعبده (1)؟ وعن كتابك الذي كنت تتلوه؟ وعن إمامك الذي كنت تتولاه؟ ثم عن عمرك فيما أفنيته، ومالك من أين اكتسبته وفيما أتلفته (2)؟ فخذ حذرك، وانظر لنفسك، وأعد للجواب قبل الامتحان، والمساءلة والاختبار، فإن تك مؤمنا تقيا، عارفا بدينك، متبعا للصالحين (3)، مواليا لأولياء الله، لقاك الله حجتك، وأنطق (4) لسانك بالصواب، وأحسنت الجواب، وبشرت بالجنة والرضوان من الله عز وجل والخيرات الحسان، واستقبلك الملائكة بالروح والريحان، وإن لم تكن كذلك تلجلج (5) لسانك، ودحضت (6) حجتك، وعييت عن الجواب، وبشرت بالنار، واستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم، وتصلية جحيم.
واعلم يا بن آدم، أن وراء هذا أعظم وأفظع، وأوجع للقلوب يوم القيامة، ذلك يوم مجموع له الناس، وذلك يوم مشهود يجمع الله فيه الأولين والآخرين، ذلك ينفخ فيه الصور، ويبعث ما في القبور، ذلك يوم الآزفة (7)، إذ القلوب لدى الحناجر كاظمة (8)، ذلك يوم لا تقال فيه عثرة، ولا تؤخذ من أحد فدية، ولا تقبل من أحد فيه معذرة، ولا لأحد فيه مستقبل توبة ليس إلا الجزاء بالحسنات، والجزاء بالسيئات، فمن كان من المؤمنين عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من خير