بلاغة الإمام علي بن الحسين (ع) - جعفر عباس الحائري - الصفحة ١٨٣
148. وقال الزهري: إن بعض أصحابه (عليه السلام) شكا إليه دينا، وقد عجز عن وفائه، فأخذ (عليه السلام) يبكي، فسأله الرجل عن بكائه؟
فقال (عليه السلام): وهل البكاء إلا للمحن الكبار؟! وأي محنة أكبر من أن يرى الإنسان أخاه المؤمن في حاجة لا يتمكن على قضائها، وفي فاقة لا يطيق دفعها؟!
ولما قضى (عليه السلام) حاجته بإذن الله تعالى، فقال (عليه السلام): جهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه! إن المراتب الرفيعة لا تنال إلا بالتسليم لله - جل ثناؤه -، وترك الاقتراح عليه، والرضا بما يدبرهم به، إن أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبرا لم يساوهم فيه غيرهم، فجازاهم الله عز وجل عن ذلك بإزاء ما وجب لهم نجح جميع طلباتهم، لكنهم مع ذلك لا يريدون منه إلا ما يريده لهم. (1) 149. وقال (عليه السلام) لخادمه: إذا أعطيت سائلا، فمره أن يدعو بالخير، فإن دعاءه لا يرد. (2) 150. وقال (عليه السلام): من قضى لأخيه حاجة، فبحاجة الله بدئ، وقضى الله له بها مئة حاجة، في إحداهن الجنة. (3) 151. وكان يقول (عليه السلام): اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوامع (4) العيون علانيتي، وتقبح في خفيات العيون سريرتي، اللهم كما أسأت وأحسنت إلي، فإذا عدت فعد علي. (5)

١. مناقب آل أبي طالب، ابن شهرآشوب، ج ٣، ص ٢٨٧؛ روضة الواعظين، ص ١٩٦. وفيه: وهل يعد البكاء إلا المصائب والمحن الكبار؟ قالوا: كذلك يا بن رسول الله. قال: فأية محنة ومصيبة أعظم على حرمة مؤمن من أن يرى بأخيه المؤمن خلة، فلا يمكن عنها سدها، ويشاهده على فاقة، فلا يطيق رفعها!
٢. عدة الداعي، ص ٥٩؛ وسائل الشيعة، ج ٩، ص ٤٢٥.
٣. ثواب الأعمال، ص ١٧٥؛ عوالي اللئالي، ج ١، ص ٣٥٥؛ بحار الأنوار، ج ٧٤، ص ٣٠٣.
٤. في بعض النسخ: " لوائح ".
٥. البداية والنهاية، ج 9، ص 132؛ حلية الأولياء، ج 3، ص 134.
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست