لا ينقص من زاده ناقص، ولا يزيد من نقص منهم زائد.
ثم ضرب له في الحياة (1) أجلا موقوتا، ونصب له أمدا محدودا، يتخطى إليه بأيام عمره، ويرهقه (2) بأعوام دهره، حتى إذا بلغ أقصى أثره (3)، واستوعب حساب عمره، قبضه إلى ما ندبه إليه من موفور ثوابه، أو محذور عقابه (ليجزى الذين أسائوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى) (4) عدلا منه، تقدست أسماؤه، وتظاهرت آلاؤه، (لا يسل عما يفعل وهم يسلون) (5).
والحمد لله الذي لو حبس عن عباده معرفة حمده - على ما أبلاهم من مننه المتتابعة، وأسبغ عليهم من نعمه المتظاهرة - لتصرفوا في مننه فلم يحمدوه، وتوسعوا في رزقه فلم يشكروه، ولو كانوا كذلك لخرجوا من حدود الإنسانية إلى حد البهيمية، فكانوا كما وصف في محكم كتابه: (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا) (6).
والحمد لله على ما عرفنا من نفسه، وألهمنا (7) من شكره، وفتح لنا من أبواب العلم (8) بربوبيته، ودلنا عليه من الإخلاص له في توحيده، وجنبنا من الإلحاد والشرك في أمره، حمدا نعمر به فيمن حمده من خلقه، ونسبق به فيمن سبق إلى رضاه وعفوه، حمدا يضيء لنا به ظلمات البرزخ (9)، ويسهل علينا به سبيل