بعير يظلع (1) بغير وطأء، ورأس أبي الحسين (عليه السلام) على علم، ونسوتنا خلفي على بغال مؤكفة (2)، والفارطة (3) خلفنا وحولنا بالرماح، إن دمعت من أحدنا عين قرع رأسه بالرمح، حتى إذا دخلنا دمشق، صاح صائح: " يا أهل الشام، هؤلاء سبايا أهل البيت الملعون " (4). (5) 331. وقال له جابر بن عبد الله الأنصاري - لما دخل عليه، ووجده في محرابه قد أنضته (6) العبادة -: يا بن رسول الله، أما علمت أن الله إنما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك؟
فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): يا صاحب رسول الله، أما علمت أن جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يدع الاجتهاد له، وتعبد بأبي هو وأمي حتى انتفخ الساق وورم القدم. وقيل له: أتفعل هذا، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا.
فلما نظر جابر إلى علي بن الحسين (عليهما السلام)، وليس يغني فيه من قول من يستمليه من الجهد والتعب إلى القصد، قال:
يا بن رسول الله، البقيا (7) على نفسك، فإنك من أسرة بهم يستدفع البلاء ويستكشف اللاواء (8)، وبهم يستمطر السماء (9).
فقال: يا جابر، لا أزال على منهاج أبوي، متأسيا بهما - صلوات الله عليهما -