فيا ذا السطوة والقدرة، والمعجب بالكثرة، ما هذه الحيرة والفترة، لك فيمن مضى عبرة، وليؤذن الغافلون عما إليه تصيرون، إذا تحققت الظنون، وظهر السر المكنون، وتندمون حين لا تقالون (ثم إنكم بعد ذلك لميتون) (1).
سيندم فعال على سوء فعله * ويزداد منه عند ذلك التشاهق (2) إذا عاينوا من ذي الجلال اقتداره * وذو قوة من كان قدما يداقق هنالك تتلو كل نفس كتابها * فيطفو ذو عدل ويرسب فاسق إلى كم ذا التشاغل بالتجارة والأرباح؟ وإلى كم ذا التهور بالسرور والأفراح؟
وحتام التغرير بالسلامة في مراكب النياح؟ من ذا الذي سالمه الدهر فسلم، ومن ذا الذي تاجر الزمان فغنم، ومن ذا الذي استرحم الأيام فرحم، اعتمادك على الصحة والسلامة خرق، وسكونك إلى المال والولد حمق، والاغترار بعواقب الأمور خلق، فدونك وحزم الأمور، والتيقظ ليوم النشور، وطول اللبث في صفحات القبور (فلا تغرنكم الحيوة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) (3).
فمن صاحب الأيام سبعين حجة (4) * ولذاتها لا شك منه طوالق فعقبى حلاوات الزمان مريرة * وإن عذبت حينا فحينا خرابق (5) ومن طرقته الحادثات بويلها * فلابد أن تأتيه فيها الصواعق فما هذه الطمأنينة وأنت مزعج؟ وما هذه الولوج وأنت مخرج؟ جمعك إلى تفريق، ووفرك إلى تمزيق، وسعتك إلى ضيق. فيا أيها المفتون، والطامع بما لا يكون (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون) (6).