ثم وضع خده على منحره الشريف قائلا:
طوبى لأرض تضمنت جسدك الطاهر، فإن الدنيا بعدك مظلمة، والآخرة بنورك مشرقة، أما الليل فمسهد، والحزن سرمد، أو يختار الله لأهل بيتك دارك التي فيها أنت مقيم، وعليك مني السلام يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورحمة الله وبركاته.
وكتب على القبر: " هذا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب الذي قتل عطشانا ".
ثم مشى إلى قبر عمه العباس (عليه السلام)، وجاء ليواريه، ووقع عليه يلثم نحره المقدس قائلا:
على الدنيا بعدك العفا يا قمر بني هاشم، وعليك مني السلام من شهيد محتسب ورحمة الله وبركاته. (1) 323. وعن أبي جعفر الثاني، عن آبائه (عليهم السلام) قال:
قال علي بن الحسين (عليهما السلام): لما أشتد الأمر بالحسين (عليه السلام)، نظر إليه من كان معه، فإذا هو بخلافهم؛ لأنهم كلما أشتد الأمر، تغيرت ألوانهم، وارتعدت فرائصهم، ووجلت قلوبهم ووجبت جنوبهم، وكان الحسين (عليه السلام) وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم، وتهدأ جوارحهم، وتسكن نفوسهم. (2) 324. وقال (عليه السلام) لعمته زينب الكبرى (عليها السلام) - بعد أن خطبت تلك الخطبة الدامية في غدر أهل الكوفة، حين دخلتها بعد مقتل أخيها الإمام الحسين (عليه السلام) -:
فقال (عليه السلام): يا عمة اسكتي، ففي الباقي من الماضي اعتبار، وأنت بحمد الله عالمة غير معلمة، وفهمة غير مفهمة، إن البكاء والحنين لا يردان من قد أباده الدهر. (3) 325. وعن أبي حمزة الثمالي قال: نظر علي بن الحسين (عليهما السلام) يوما إلى عبيد الله بن العباس بن علي (عليهم السلام) فاستعبر، ثم قال (عليه السلام):