تقلبني أيدي أحبتي، وارحمني مطروحا على المغتسل، يغسلني صالح جيرتي، وارحمني محمولا قد تناول الأقرباء أطراف جنازتي، وارحم في ذلك البيت المظلم وحشتي وغربتي ووحدتي.
قال طاووس (1): فبكيت حتى علا نحيبي، فالتفت إلي وقال: ما يبكيك يا يماني؟ أو ليس هذا مقام المذنبين؟ فقلت: حبيبي، حقيق على الله أن لا يردك وجدك محمد (صلى الله عليه وآله).
قال: فبينا نحن كذلك، إذ أقبل نفر من أصحابه، فالتفت إليهم فقال: معاشر أصحابي، أوصيكم بالآخرة، ولست أوصيكم بالدنيا، فإنكم بها مستوصون، وعليها حريصون، وبها مستمسكون، معاشر أصحابي! إن الدنيا دار ممر، والآخرة دار مقر، فخذوا من ممركم لمقركم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم، واخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، أما رأيتم وسمعتم ما استدرج به من كان قبلكم من الأمم السالفة والقرون الماضية، ألم تروا كيف فضح مستورهم، وأمطر مواطر الهوان عليهم بتبديل سرورهم بعد خفض عيشهم، ولين رفاهيتهم، صاروا حصائد النقم، ومدارج المثلات (2)، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم. (3)