لقد شقيت نفس تتابع غيها * وتصدف (1) عن إرشادها وتفارق وتأمل ما لا يستطاع بحمله * وتعصيك أن خالفتها وتشافق وتصغى إلى قول الغوي وتنثني * وتعرض عن تصديق من هو صادق فيا عاقلا راحلا، ولبيبا جاهلا، ومتيقظا غافلا، أتفرح بنعيم زائل، وسرور حائل، ورفيق خاذل، فيا أيها المفتون بعمله، الغافل عن حلول أجله، والخائض في بحار زلله، ما هذا التقصير؟ وقد وخطك القتير، ووافاك النذير، وإلى الله المصير.
طلابك أمرا لا يتم سروره * وجهدك باستصحاب من لا يوافق وأنت كمن يبني بناء وغيره * يعاجله في هدمه ويسابق وينسج آمالا طوالا بعيدة * وتعلم أن الدهر للنسج خارق ليست الطريقة لمن ليس له الحقيقة، ولا يرجع إلى خليقة، إلى كم تكدح ولا تقنع؟ وتجمع ولا تشبع، وتوفر لما تجمع، وهو لغيرك مودع! ماذا الرأي العازب (2)، والرشد الغائب، والأمل الكاذب، ستنقل عن القصور وربات الخدور، والجذل والسرور، إلى ضيق القبور، ومن دار الفناء إلى دار الحبور (كل نفس ذائقة الموت... وما الحيوة الدنيا إلا متاع الغرور) (3).
فعالك هذي غرة وجهالة * وتحسب يا ذا الجهل أنك حاذق تظن بجهل منك إنك راتق (4) * وجهلك بالعقبى لدينك فاتق توخيك من هذا أدل دلالة * وواضح برهانا بأنك مائق (5)