وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا، واحتجوا بمتشابه القرآن، فتأولوا بآرائهم، واتهموا بمأثور الخبر مما استحسنوا، يقتحمون في أغمار الشبهات، ودياجير الظلمات، بغير قبس نور من الكتاب، ولا إثرة علم من مظان العلم بتحذير مثبطين، زعموا أنهم على الرشد من غيهم.
وإلى من يفزع خلف هذه الأمة؟ وقد درست أعلام الملة، ودانت الأمة بالفرقة والاختلاف، يكفر بعضهم بعضا، والله تعالى يقول: (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا منم بعد ما جائهم البينات). (1) فمن الموثوق به على إبلاغ الحجة، وتأويل الحكمة، إلا أهل الكتاب، وأبناء أئمة الهدى ومصابيح الدجى، الذين احتج الله بهم على عباده، ولم يدع الخلق سدى من غير حجة، هل تعرفوهم أو تجدونهم، إلا من فروع الشجرة المباركة، وبقايا صفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وبرأهم من الآفات، وافترض (2) مودتهم بالكتاب:
هم العروة الوثقى وهم معدن التقى * وخير حبال العالمين وثيقها (3) أقول: من أخبار نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) الغيبية الذي نطق به هذا الكلام، رواه جميع علماء السنة والشيعة: " ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، وإن منهم فرقة ناجية، والباقون في النار " (4).