آخرين) (1)، وقال تعالى: (فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون) (2) - يعني يرهبون - وقال سبحانه: (لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون) (3) - فلما أتاهم العذاب - (قالوا ياويلنا إنا كنا ظالمين * فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين). (4) وأيم الله، إن هذه لعظة (5) لكم وتخويف إن اتعظتم وخفتم، ثم رجع إلى القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب فقال عز وجل: (ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن ياويلنا إنا كنا ظالمين) (6)، فإن قلتم أيها الناس، إن الله إنما عنى بهذا أهل الشرك، فكيف ذلك وهو يقول: (ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) (7)؟
واعلموا عباد الله، أن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين، ولا تنشر لهم الدواوين (8)، وإنما يحشرون إلى جهنم زمرا (9)، وإنما نصب الموازين، ونشر الدواوين لأهل الاسلام، فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الله عز وجل لم يحب زهرة الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه، ولم يرغبهم فيها وفي عاجل زهرتها، وظاهر بهجتها، وإنما خلق الدنيا وخلق أهلها، ليبلوهم فيها أيهم أحسن عملا لآخرته،