(ومن كلام له (عليه السلام)) (وكان لما يحاسب نفسه، ويناجي ربه) ويقول: يا نفس، حتام إلى الحياة سكونك، وإلى الدنيا وعمارتها ركونك؟ أما اعتبرت بمن مضى من أسلافك! ومن وارته الأرض من ألافك (1)، ومن فجعت به من إخوانك، ونقل إلى الثرى (2) من أقرانك (ونقلت إلى دار البلى من أقرانك) فهم في بطون الأرض بعد ظهورها * محاسنهم فيها بوال دواثر خلت دورهم منهم وأقوت عراصهم (3) * وساقتهم نحو المنايا المقادر وخلوا عن الدنيا وما جمعوا لها * وضمتهم نحو (4) التراب الحفائر كم خرمت (5) أيدي المنون من قرون بعد قرون؟ وكم غيرت الأرض ببلائها، وغيبت في ترابها (6)، ممن عاشرت من صنوف الناس، وشيعتهم إلى الأرماس، ثم رجعت عنهم إلى عمل أهل الإفلاس.
وأنت على الدنيا مكب منافس * لخطابها فيها حريص مكاثر على خطر تمسي وتصبح لاهيا * أتدري بماذا لو عقلت تخاطر وإن امرأ يسعى لدنياه جاهدا * ويذهل عن أخراه لا شك خاسر حتام على الدنيا إقبالك، وبشهواتها اشتغالك، وقد وخطك القتير (7)، ووافاك النذير، وأنت عما يراد بك ساه، وبلذة يومك لاه، وقد رأيت انقلاب الشهوات،