المبعث، ويشرف به منازلنا عند مواقف الأشهاد (لتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون) (1) (يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون) (2)، حمدا يرتفع منا إلى أعلى عليين، في كتاب مرقوم يشهده المقربون، حمدا تقر به عيوننا إذا برقت (3) الأبصار، وتبيض به وجوهنا إذا اسودت الأبشار (4)، حمدا نعتق به من أليم نار الله إلى كريم جوار الله، حمدا نزاحم به ملائكته المقربين، ونضام (5) به أنبياؤه المرسلين في دار المقامة (6) التي لا تزول، ومحل كرامته التي لا تحول.
والحمد لله الذي اختار لنا محاسن الخلق، وأجرى علينا طيبات الرزق، وجعل لنا الفضيلة بالملكة على جميع الخلق، فكل خليقته منقادة لنا بقدرته، وصائرة إلى طاعتنا بعزته.
والحمد لله الذي أغلق عنا باب الحاجة إلا إليه، فكيف نطيق حمده، أم متى نؤدي شكره، لا متى (7)؟!
والحمد لله الذي ركب فينا آلات البسط، وجعل لنا أدوات القبض، ومتعنا بأرواح الحياة، وأثبت فينا جوارح الأعمال، وغذانا بطيبات الرزق، وأغنانا بفضله، وأقنانا (8) بمنه، ثم أمرنا ليختبر طاعتنا؛ ونهانا ليبتلي شكرنا، فخالفنا عن طريق أمره، وركبنا متون زجره، فلم يبتدرنا بعقوبته، ولم يعاجلنا بنقمته، بل تأنانا برحمته تكرما، وانتظر مراجعتنا برأفته حلما.