قال الله: (إنما يخشى الله من عباده العلماؤا) (1)، فلا تلتمسوا شيئا مما في هذه الدنيا بمعصية الله، واشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة الله، واغتنموا أيامها، واسعوا لما فيه نجاتكم غدا من عذاب الله، فإن ذلك أقل للتبعة، وأدنى من العذر، وأرجى للنجاة، فقدموا أمر الله وطاعته، وطاعة من أوجب الله طاعته بين يدي الأمور كلها، ولا تقدموا الأمور الواردة عليكم، من طاعة الطواغيت، وفتنة زهرة الدنيا بين يدي أمر الله وطاعته، وطاعة أولي الأمر منكم.
واعلموا أنكم عبيد الله، ونحن معكم، يحكم علينا وعليكم سيد حاكم غدا، وهو موقفكم ومسائلكم، فعدوا الجواب قبل الوقوف والمساءلة، والعرض على رب العالمين: يومئذ (لا تكلم نفس إلا بإذنه) (2) واعلموا إن الله لا يصدق يومئذ كاذبا، ولا يكذب صادقا، ولا يرد عذر مستحق، ولا يعذر غير معذور، بل لله الحجة على خلقه بالرسل والأوصياء بعد الرسل.
فاتقوا الله عباد الله، واستقبلوا من اصلاح أنفسكم وطاعة الله، وطاعة من تولونه فيها، لعل نادما وقد ندم على ما قد فرط بالأمس في جنب الله، وضيع من حق الله، واستغفروا الله وتوبوا إليه، فإنه يقبل التوبة، ويعفو عن السيئات، ويعلم ما تفعلون.
وإياكم وصحبة العاصين، ومعونة الظالمين، ومجاورة الفاسقين، احذروا من فتنتهم، وتباعدوا من ساحتهم، واعلموا أنه من خالف أولياء الله، ودان بغير دين الله، واستبد بأمره دون أمر ولي الله، كان في نار تلتهب، تأكل أبدانا، وقد غابت عنها أرواحها، غلبت عليها شقوتها، فهم موتى لا يجدون حر النار، ولو كانوا أحياء لوجدوا مضض حر النار. (3) فاعتبروا يا أولي الأبصار، واحمدوا الله على ما هداكم، واعلموا أنكم