المتدهقنين، فأما التذلل والتمسكن فلا كلفة فيهما، ولا مؤونة عليهما؛ لأنهما الخلقة، وهما موجودان في الطبيعة، ولا قوة إلا بالله.
ثم حقوق الأئمة 14. فأما حق سائسك بالسلطان:
فأن تعلم إنك جعلت له فتنة، وأنه مبتلى فيك بما جعله الله له عليك من السلطان، وأن تخلص له في النصيحة، وألا تماحكه (1) وقد بسطت يده عليك، فتكون سبب هلاك نفسك وهلاكه. وتذلل وتلطف لإعطائه من الرضا ما يكفه عنك، ولا يضر بدينك، وتستعين عليه في ذلك بالله، ولا تعازه (2) ولا تعانده، فإنك إن فعلت ذلك عققته وعققت نفسك، فعرضتها لمكروهة، وعرضته للهلكة فيك، وكنت خليقا أن تكون معينا له على نفسك، وشريكا له فيما أتى إليك، ولا قوة إلا بالله.
15. فأما حق سائسك بالعلم (3) فالتعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه، والإقبال عليه، والمعونة له على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم، بأن تفرغ له عقلك، وتحضره فهمك، وتزكي له قلبك، وتجلي له بصرك بترك اللذات، ونقض الشهوات، وأن تعلم أنك فيما ألقى إليك رسوله إلى من لقيك من أهل الجهل، فلزمك حسن التأدية عنه إليهم، ولا تخنه في تأدية رسالته والقيام بها عنه إذا تقلدتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله. (4)