(وتوجع لرزئه إخوانه)، ثم أقبلوا على جهازه، وشمروا لإبرازه كأنه لم يكن بينهم العزيز المفدى، ولا الحبيب المبدى.
وضل أحب القوم كان بقربه (1) * يحث على تجهيزه ويبادر وشمر من قد أحضروه لغسله * ووجه لما فاض للقبر حائر وكفن في ثوبين واجتمعت له * مشيعة خوانه (2) والعشائر فلو رأيت الأصغر من أولاده، وقد غلب الحزن على فؤاده، فغشى (3) من الجزع عليه، وقد خضبت الدموع عينيه (4)، وهو يندب أباه ويقول: يا ويلاه واحرباه (5)!
لعاينت (6) من قبح المنية منظرا * يهال لمرآة ويرتاع ناظر أكابر بأولاد يهيج اكتئابهم * إذا ما تناساه البنون الأصاغر ورنة نسوان عليه جوازع * مدامعها فوق الخدود غوازر (7) ثم أخرج من سعة قصره إلى ضيق قبره، فلما استقر في اللحد، وهيء عليه اللبن، احتوشته أعماله، وأحاطت به خطاياه، وضاق ذرعا بما رآه، ثم حثوا بأيديهم عليه التراب، وأكثروا البكاء عليه والانتحاب، ثم وقفوا ساعة عليه، وأيسوا من النظر إليه، وتركوه رهنا بما كسب وطلب.
فولوا عليه معولين وكلهم * لمثل الذي لاقى أخوه محاذر