(ومن كلام له (عليه السلام)) (أيضا كان يناجي به ربه تعالى) ويقول: قل لمن قل عزاؤه، وطال بكاؤه، ودام عناؤه، وبان صبره، وتقسم فكره، والتبس عليه أمره من فقد الأولاد، ومفارقة الآباء والأجداد، والإمتعاظ بشماتة الحساد: (ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد). (1) تعز فكل للمنية ذائق * وكل ابن أنثى للحياة مفارق فعمر الفتى للحادثات ذريئة * تناهبه ساعاتها والدقائق كذا تتفانى (2) واحد بعد واحد * وتطرقنا بالحادثات الطوارق فحسن الأعمال، وجمل الأفعال، وقصر الآمال الطوال، فما عن سبيل المنية مذهب، ولا عن سيف الحمام مهرب، ولا إلى قصد النجاة مطلب.
فيا أيها الإنسان المتسخط على الزمان، والدهر الخوان، مالك والخلود إلى دار الأحزان؟ والسكون إلى دار الهوان؟ وقد نطق القرآن بالبيان الواضح في سورة الرحمن: (كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلل والاكرام) (3).
وفيم وحتام الشكاية والردى * جموح (4) لآجال البرية لاحق فكل ابن أنثى هالك وابن هالك * لمن ضمنته غربها والمشارق فلابد من إدراك ما هو كائن * ولابد من إتيان ما هو سابق فالشباب للهرم، والصحة للسقم، والوجود للعدم، وكل حي لا شك مخترم (5)، بذلك جرى القلم على صفحة اللوح في القدم، فما هذا التلهف والندم؟!