بلاغة الإمام علي بن الحسين (ع) - جعفر عباس الحائري - الصفحة ١١٨
(كتابه (عليه السلام)) (إلى بعض أصحابه المعروف برسالة الحقوق) (1) (بصورة مفصلة) اعلم - رحمك الله - إن لله عز وجل عليك حقوقا محيطة بك في كل حركة تحركتها، أو سكنة سكنتها، أو حال حلتها، أو منزلة نزلتها، أو جارحة قلبتها، أو آلة تصرفت بها، بعضها أكبر من بعض.
وأكبر حقوق الله عليك ما أوجبه لنفسه تبارك وتعالى من حقه الذي هو أصل الحقوق، ومنه تتفرع، ثم أوجبه عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك على اختلاف جوارحك، فجعل لبصرك عليك حقا، ولسمعك عليك حقا، وللسانك عليك حقا، وليدك عليك حقا، ولرجلك عليك حقا، ولبطنك عليك حقا، ولفرجك عليك حقا.
فهذه الجوارح السبع التي بها تكون الأفعال.
ثم جعل عز وجل لأفعالك عليك حقوقا، فجعل لصلاتك عليك حقا، ولصومك عليك حقا، ولصدقتك عليك حقا، ولهديك عليك حقا، ولأفعالك عليك حقا.
ثم تخرج الحقوق منك إلى غيرك من ذوي الحقوق الواجبة عليك، فأوجبها

١. طبعت هذه الرسالة القيمة مرات عديدة مستقلة، وفي ضمن بعض الكتب بدون شرح، وقد نشرت أخيرا مع شرح وافي يناسب شخصية الإمام الخالدة في مجلدين ضخمين بقلم أحد العلماء البارعين، باسم شرح رسالة الحقوق. ويقول أحد العلماء: وها نحن نقرأها اليوم - في القرن العشرين - فنجدها وكأنها بنت الساعة في تفكيرها وتسلسلها، وتنظيمها لحقوق كل فرد مع ربه ونفسه، ومع غيره من بني الإنسان، بل نجد في بعض الحقوق ما لم تعمل به إلى اليوم أكبر دول الحضارة والتقدم في العالم.
وبهذه المناسبة يقول العلامة البحاثة السيد الجلالي في كتابه القيم جهاد الإمام السجاد (عليه السلام)، ص ٢٦٧: وينسب إلى الإمام زيد الشهيد باسم الرسالة الناصحة، والحقوق الواضحة، وتشبه أن تكون مختصرة من رسالة الحقوق المروية عن والده الإمام زين العابدين (عليه السلام) كما جاء في مؤلفات الزيدية، الحسيني، ج 2، ص 44، رقم 1608.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»
الفهرست