فاشتددت إلى خشبته، فاحتللته، واحتملته على ظهري، فوالله، ما مشيت إلا نحو أربعين ذراعا حتى نذروا بي، فطرحته، فما أنسى وجبته حين سقط، فاشتدوا في أثري، فأخذت طريق الصفراء، فأعيوا، فرجعوا.
وانطلق صاحبي إلى بعيره، فركبه، ثم أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبره أمرنا.
وأقبلت أمشي، حتى إذا أشرفت على الغليل، غليل ضجنان (1) دخلت غارا فيه، ومعي قوسي وأسهمي، فبينا أنا فيه إذ دخل علي رجل من بني الديل بن بكر، أعور يسوق غنما له، فقال: من الرجل؟
فقلت: رجل من بني بكر. قال: وأنا من بني بكر، ثم أحد بني الديل.
ثم اضطجع معي فيه، فرفع عقيرته يتغنى، ويقول:
ولست بمسلم ما دمت حيا * * ولست أدين دين المسلمينا فقلت: سوف تعلم! فلم يلبث الأعرابي أن نام، وغط، فقمت إليه فقتلته أسوأ قتلة، قتلها أحد أحدا، قمت إليه، فجعلت سية قوسي في عينه الصحيحة، ثم تحاملت عليه، حتى أخرجتها من قفاه.
قال: ثم أخرج مثل السبع، وأخذت المحجة كأني نسر، وكان النجاء حتى أخرج على بلد قد وصفه، ثم على ركوبة، ثم على النقيع، فإذا رجلان من أهل مكة بعثتهما قريش يتحسسان من أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فعرفتهما، فقلت: استأسرا.
فقالا: أنحن نستأسر لك؟!
فأرمى أحدهما بسهم، فأقتله، ثم قلت للاخر، استأسر، فاستأسر فأوثقته، فقدمت به على رسول الله (صلى الله عليه وآله).