صاروا إلى ما ترى وسلط الله عز وجل عليهم السبي، ويحك يا جبير! إنه إذا سلط الله عز وجل السبي على قوم فليس لهم فيهم حاجة.
قال: فبينا المسلمون يقتسمون غنائم قبرص إذ وقع بينهم شيء من الفساد وشح بعضهم على بعض وظهر من بعهم شيء من الغلول، فقال شيخ من أهل قرص من الروم: ويحكم يا معشر العرب! أتفعلون هذا وأنتم قريب عهد من نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وأنتم أصحابه؟ فكيف يكون من يأتي من بعدكم؟ فقال له رجل من المسلمين: يا شيخ! أميرنا لا يرضى بشيء من هذا، فقال له الشيخ الرومي: فأنت لا يسعك الكتمان أو ترفع ذلك إليه، قال: وبلغ ذلك معاوية فنهى عن ذلك أشد النهي، ثم إنه دعا بكتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي كتبه ليزيد بن أبي سفيان حين وجه به إلى الشام فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا عهد أبي بكر عبد الله بن عثمان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جميع أمراء الأجناد، إني أوصيكم بتقوى الله أن لا تغلوا ولا تفسدوا ولا تطغوا ولا تعقروا بهيمة ولا تذبحوا شاة لا تريدون أكلها، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه، ولا تهدموا بيعة، ولا تقتلوا الولدان ولا الشيوخ ولا النساء، وستجدون قوما قد حبسوا أنفسهم في الصوامع فذروهم ولا تعرضوا لهم إلا بسبيل خير، وستجدون آخرين من حزب الشيطان في أوساط رؤوسهم أفاحيص، فإذا وجدتم أولئك فاضربوهم بالسيف ضربا، هذه وصاتي لكم وعهدي إليكم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال: فلما سمع المسلمون هذا الكتاب أقصروا عن فسادهم واستغفروا الله عز وجل مما كان منهم.
قال: فبينا الناس كذلك يقتسمون الغنائم وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس ناحية - منهم أبو الدرداء وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس [بن ثابت] وواثلة بن الأسقع وأبو أمامة الباهلي (1) وعبد الله بن بشر المازني (2) - إذا برجلين من