ثم ترد على فقرائهم ومساكينهم.
قال: ثم أقبل عمر رضي الله عنه على ولده عبد الله فقال: يا بني حط رأسي عن الوسادة وضعه على الأرض فعسى الله عز وجل أن يرحمني، ثم قال: يا بني! لو أنك رأيت غدا أباك يقاد إلى النار أما تفديه؟ فقال عبد الله: بلى بجميع ما ملكت من طارف وتالد، قال: يا بني! فأد ما علي من الدين (1) وانظر أن تبيع في ذلك جميع ما لك، فإن لم يف بما علي فاسأل في بني عدي بن كعب، فإن لم يف بما علي فاسأل في قريش ولا تعهدهم إلى غيرهم، واجعل ذلك في بيت المال فإن سألك الخليفة من بعدي أن لا تأتيه بذلك المال فلا تفعل، فإن وهبه لك فلا تقبل واذهب به حتى تضعه في بيت المال كما أخذته منه.
ثم قال: يا بني! صر إلى عائشة فسلها أن تأذن لي أن أدفن مع حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم وخليفته أبي بكر، فإذا أذنت في ذلك فادفنوني وإلا فادفنوني وإلا فادفنوني في مقابر المسلمين (2). قال: فأقبل عبد الله بن عمر إلى عائشة رضي الله عنها فاستأذنها في ذلك، فقالت عائشة رضي الله عنها: ارجع إلى أمير المؤمنين فاقرئه مني السلام وقل له قد علمت أنه بيتي الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي إلى جنبه وقد كنت ذخرت ذلك لنفسي وقد آثرتك به يا أمير المؤمنين، فقال عمر: الحمد لله ما كان عندي شيء أهم من ذلك فإذا أنا مت فأت بي إلى باب عائشة، وقل: يستأذن عمر بن الخطاب، ولا تقل أمير المؤمنين، فإن أذنت وإلا ردوا بي إلى مقابر المسلمين (2).
قال: ثم توفي عمر رحمة الله عليه يوم الأربعاء بالعشي ليلة الخميس لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة النبوية وهو يومئذ ابن ثلاث وستين سنة (3) - والله اعلم وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. -