الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا) (1) ولقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بشرك بالجنة في غير موطن، ولقد خرج من الدنيا وهو عنك راض، ثم وليت أمور المسلمين بأحسن ما وليها أحد، فأعز الله عز وجل بك الاسلام وأذل بك العدو، حتى فتحت الديار، ومصرت الأمصار، وأقمت المنار، ودونت الدواوين، وجندت الأجناد، فعدلت في رعيتك، وأديت فيهم الأمانة، فجزاك الله عن نبيك وعن خليفته وعن هذه الأمة خير الجزاء. قال: فقال له عمر:
ويحك يا بن عباس أو تشهد لي بهذا غدا عند الله؟ قال: فأمسك ابن عباس ولم يتكلم شيئا، فقال له علي عليه السلام: نعم فاشهد له بذلك يا بن عباس! فقال ابن عباس: نعم أنا أشهد لك بذلك عند الله يا أمير المؤمنين، فقال عمر: والله يا بن عباس لو كانت لي بما فيها فافتديت من هول يوم المطلع، ولوددت أني أخرجت من هذه الدنيا كفافا لا لي ولا علي. ثم أقبل عمر على الناس فقال: أيها الناس! إذا أنا مت وواريتموني في حفرتي فانتظروا ثلاثا، فإن قدم عليكم طلحة بن عبيد الله وإلا فاختاروا لأنفسكم من ارتضيتموه من هؤلاء الستة: علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله، فإني قد جعلت الامر في هؤلاء الستة وأدخلوا ابني عبد الله في المشورة على أنه ليس له من الامر شيء، وهذا هو صهيب بن سنان يصلي بكم في هذه الأيام إلى أن يتفق رضاؤكم على رجل من هؤلاء الستة، فمن ارتضيتموه واستخلفتموه من هؤلاء الستة فهو الخليفة من بعدي، فإذا أنتم بايعتم رجلا من بعدي واتفقت آراؤكم عليه وعقدتم له البيعة ثم خالفكم أحد فاقتلوه، ألا (2) وإني أوصي الخليفة من بعدي (3) بأهل الذمة خيرا فإن لهم ذمة الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن لا يظلمهم ولا يكلفهم فوق طاقتهم وأن يوفي لهم بعهدهم ويقاتل عدوهم، نعم وأوصي الخليفة من بعدي بالاعراب خيرا فإنهم أصل العرب ومادة الاسلام أن تؤخذ الصدقات منهم على وجهها