أمره بالجلوس فجلس، ثم قال: يا جاثليق! اصدقني عما أسألك عنه، قال: سل يا أمير المؤمنين! قال: تجدون نعت نبينا في الإنجيل؟ قال: نعم، إني لأجده فارقليط، قال عمر: وما معنى ذلك؟ قال الجاثليق: معناه أنه يفرق بين الحق والباطل، فقال عمر ومن حضر: الحمد لله الذي جعلنا من أمته، ولكن كيف تجدنا في كتابكم؟ فقال الجاثليق: أجد بعد محمد رجلا عظيم الذكر مبارك الامر، فقال عمر: يرحم الله أبا بكر! قال: ثم ماذا ويحك يا جاثليق؟ فقال: من بعده قرن من حديد قوي شديد، قال عمر: ثم ماذا؟ قال: ثم من بعده خليفة يؤثر أقاربه على من سواهم، قال: فنظر إلى عثمان بن عفان، قال: ثم ماذا ويحك يا جاثليق؟ قال:
ثم سيف مسلول ودم مهراق، قال: فضرب عمر بإحدى يديه على الأخرى ثم التفت إلى عثمان فقال: أبا عمرو! اتق الله عز وجل! وإن وليت هذا الامر من بعدي فلا تحملن آل معيط على رقاب المسلمين، وأنت يا أبا الحسن فاتق الله! وإن وليت هذا الامر من بعدي فلا تحملن آل أبي لهب على رقاب الناس. قال: ثم انصرف الناس من عنده وذلك في يوم الجمعة.
وانطلق أبو لؤلؤة فاتخذ خنجرا طويلا له رأسان وبينهما مقبض (1)، ثم أقبل حتى دخل المسجد متنكرا، وذلك يوم الأربعاء في وقت الفجر، قال: فأذن عمر رضي الله عنه وأقام الصلاة وتقدم حتى وقف في محرابه فجعل يسوي الصفوف عن يمينه وشماله وأبو لؤلؤة في الصف الأول ملفع الرأس، فلما كبر عمر وكبر الناس معه بدر أبو لؤلؤة من الصف والخنجر في يده فجرحه ثلاث جراحات (2): جراحتين في سرته وجراحة فوق سرته، ثم شق الصفوف وخرج هاربا. قال: وعلم عمر أنه مقتول فأمر عبد الرحمن بن عوف أن يصلي بالناس فصلى في الركعة الأولى بأم الكتاب (وقل يا أيها الكافرون) (3) وفي الركعة الثانية بأم الكتاب و (قل هو الله أحد) (4)،