شكاك إلي، فقال المغيرة: أفعل ذلك يا أمير المؤمنين.
قال: ثم إن أبا لؤلؤة عاد إلى عمر ثانية وثالثة فشكى إليه المغيرة، فقال له عمر: إني قد أوصيته بك فاتق الله عز وجل وأطع مولاك، قال: فسكت أبو لؤلؤة ولم يقل شيئا، فلما ولى لينصرف قال له عمر: ارجع! فرجع إليه فقال له عمر رضي الله عنه: أي الاعمال تحسن؟ فقال أبو لؤلؤة: أحسن كل عمل يعمله الناس وأحسن ما أعمل أنقر الأرحية، فقال له عمر (1): فلو اتخذت لنا رحى اليد (1) فإنا محتاجون إليها، فقال أبو لؤلؤة: أفعل ذلك يا أمير المؤمنين! لأتخذن لك رحا يسمع بها أهل المشرق والمغرب! قال: ثم انصرف أبو لؤلؤة، فانصرف عمر رضي الله عنه إلى أصحابه فقال: إنه تهددني هذا العلج وتوعدني، وقد رأيت الشر في وجهه والله بالغ أمره.
قال: فلما كان من غد صلى عمر بالناس صلاة الفجر ثم وثب فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إنه قد اقترب أجلي لا شك في ذلك، وقد رأيت في ليلتي هذه كأن ديكا قد أقبل إلي فنقرني نقرتين أو ثلاثا وقد هالني ذلك، قال: فقال المسلمون: خيرا رأيت يا أمير المؤمنين! فقال عمر رضي الله عنه: إني قد علمت أن الديك رجل أعجمي قد عزم على قتلى ولست أشك فيه أنه سيجرحني جراحتين أو ثلاثا - أو قال: سيطعنني طعنتين أو ثلاثا - وما كان الله ليضيع هذا الدين، فإن استخلفت عليكم خليفة فقد استخلف من هو خير مني، وإن أهلك قبل ذلك فأمركم إلى هؤلاء الستة الذين فارقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض:
علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعيد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، ألا (2)! وإني أشهدكم على أمراء الأمصار أني لم أبعثهم إلا ليفقهوا الناس في دينهم ويقسموا عليهم ويجاهدوا عدوهم ويحكموا فيهم بالحق، فإن أشكل عليهم شيء من ذلك فردوه إلى الله تعالى وإلى أولي الامر منكم.
قال: ثم نزل عمر رضي الله عنه عن المنبر وأخذ بيد عبد الله بن عباس فخرج