ما أقول وسأمتنع عن الخلاف والسلام.
ثم تكلم الزبير بن العوام فقال (1): (إن داعي الله لا يجهل ومجيبه لا يخذل) ويجب أن يستجاب الداعي، ولقد سبقنا الآخرين بسرعة إجابتنا للدعوة لئلا نموت ميتة عمية ولا (2) ندعو بدعاء الجاهلية، وإنني واحد ممن يجيبك إلى ما قلت، ومعينك على ما أمرت، ولا حول ولا قوة إلا بالله والسلام.
ثم تكلم سعد بن أبي وقاص وقال (3): يا أيها الأعزاء احذروا الكذب وإغراء الشيطان الذي استطاع إغواء الكثيرين ممن سبقونا من الأمم السالفة، وأضلهم حتى جعلوا كتاب الله خلفهم وعطلوا أوامر الله ونواهيه، واختاروا المعصية على الطاعة، وسلكوا طريق الغفلة، حتى غضب الله عليهم ومسخهم قردة وخنازير فالآن: اجمعوا رأيكم وفوضوا أمركم لمن هو أهل لهذا الأمر وابذلوا غاية جهدكم لحفظ الاسلام والمسلمين.
ثم تكلم بعده علي بن أبي طالب عليه السلام فقال (4): (إنكم تعلمون أننا أهل بيت النبوة وسبب نجاة الأمة من المشقة والبلاء. لنا حق إن نعطه نأخذه، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل ولو طال السرى) ونذهب إلى حيثما نراه صالحا ولا نخاف من طول غيابنا حتى نبلغ أجلنا. وبالله لو عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدا لانفذنا عهده، ولو قال لنا قولا لجادلنا عليه حتى نموت. ومع ذلك فأنا واحد منكم وقد سبقت الجميع إلى الاسلام وأني أوصلكم للرحم فاسمعوا كلامي وعوا منطقي، واعلموا أني موافق لما تفعلون وتابع لكم، لكن ليكن عملكم مبنيا على أصل، ولا تتبعوا الهوى وافعلوا ما فيه رضا الله ورضا رسوله.
وحين سمع عبد الرحمن بن عوف كلام علي بن أبي طالب واستشف منه موافقته الضمنية سر قلبه وقال: (ارجعوا حتى الغد، لنرى كيف تكون المصلحة في هذا الامر، وإني لأرجو أن يتم هذا الامر على نحو تتحقق فيه أمنيتكم) فرجع القوم.
ثم قال عبد الرحمن بن عوف لعلي بن أبي طالب: يا أبا الحسن، إن أفضى