ثم سأله: وإن أنا صرفت عنك الخلافة إلي علي فهل ترضى أم لا؟
فقال عثمان: أرضى وأطيع أمر أخي.
ثم سأل عبد الرحمن عليا وقال له: إن أفوض إليك أمر الخلافة بدلا من عثمان فهل تحيي ما أمر الله تعالى في كتابه بإحيائه وتميت ما أمر الله بإماتته؟
قال: أفعل وعلى هذا النحو أمضي.
ثم سأله: وإن فوضت الامر لعثمان فهل تطيع أمر أخيك؟ قال: أفعل.
ثم التفت عبد الرحمن إلى الناس وقال: أيها المسلمون. لقد خبرت القوم وعرفت أحوالهم ظاهرا وباطنا فظهر لي أنهم بخلافة عثمان راضون [ويريدونه رئيسا عليهم]. والقلوب إليه مائلة وكلمتهم في هذا الخصوص واحدة.
وبناء لهذا الواقع فإني راض بعثمان خليفة وهو عميد بني أمية وقد بايعته. ثم خاطبه يا أبا عمرو: أمدد يدك فمد عثمان يده فأخذها عبد الرحمن وبايعه. ثم تابعه أكابر الصحابة ثم تلاهم عامة المسلمين. واستقرت الخلافة لعثمان ورضي به الجميع باستثناء جماعة من أكابر بني هاشم.
وبعد أن تفرق الناس قال عبد الله بن العباس لأمير المؤمنين علي: يا أبا الحسن وأنت قد خدعوك حتى رضيت بخلافة عثمان. فقال علي: إنهم لم يخدعوني بل إني رأيت الجميع راضون به فلم أحب مخالفة المسلمين حتى لا تكون فتنة بين الأمة.
وفي اليوم التالي للبيعة وصل طلحة بن عبيد الله من السفر فاستقبله الناس وأخبروه بحادثة أمير المؤمنين عمر [وأخبروه بما رآه عمر في حقه في موضوع الخلافة] فبكى كثيرا وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون.
ثم سأل بماذا تفكرون في أمر الخلافة؟
فقالوا: لقد انتظرنا قدومك ثلاثة أيام كما أمر عمر أمير المؤمنين، وبما أنك تأخرت فقد اتفق الجميع وبايعوا عثمان. واستقرت الخلافة له. وإن كنت لا ترى الصواب في ذلك أعدنا الامر كما كان ونجتمع كلنا حتى يحصل رضا الله على رأي واحد.
فقال طلحة: معاذ الله أن أبطل أمرا أجمع عليه المسلمون، أو أن أخالف رأي المسلمين، وعثمان هو أهل لهذا الامر ولن يفضله أحد.