فقال زيد: ما أنتم بأعرف بحق عدي بن حاتم مني، ولكن لا أدع القول بالنصيحة والحق وإن سخط الناس. فقال عدي بن حاتم: يا زيد! الناس في الحق سواء، ومن نصح فقد قضى ما عليه.
قال: ثم وثب أبو زينب بن عوف فقال: يا أمير المؤمنين! والله لئن كنا على الخلاف لانت أهدانا سبيلا ولأعظمنا في الخير نصيبا، ولئن كنا على ضلال إنك لأثقلنا ظهرا وأعظمنا وزرا، وقد أمرتنا بالمسير إلى أهل الشام (1)، وقد قطعنا ما بيننا وبينهم من الولاية، وأظهرنا لهم فيك العداوة، ونريد بذلك ليعلم الله ما في أنفسنا، فليس (2) الذي نحن عليه هو الحق المبين، والذي عليه عدونا هو الغي والضلال الكبير. فقال علي: قل لي يا أبا زينب! أشهد أنك مضيت معنا ناصرا لدعوتنا صحيح النية في نصرتنا، وإنك إن قطعت لهم الولاية وأظهرت لهم العداوة فما زعمت أنك ولي الله تسبح في رضوانه وتركض في طاعته، فأبشر يا أبا زينب!
قال: والتفت إليه عمار بن ياسر فقال: يا أبا زينب! أثبت ولا تشكك في الأحزاب، فإنهم حزب الله وحزب الرسول.
قال: ثم وثب يزيد بن قيس الأرحبي فقال: يا أمير المؤمنين! إننا على جهاز وعدة، وأكثر الناس أهل قوة ونجدة ومن ليس به ضعف ولا علة، فمر مناديك فليناد في الناس أن يخرجوا إلى معسكرهم بالنخيلة (3)، فإن أخا الحرب ليس بالسؤم ولا بالنؤم، ولا يؤخر عمل اليوم في الحرب إلى غذ وبعد غد، ولكن (4) توكل على الله عز وجل وثق به واشخص بنا إلى عدونا راشدا معانا، فإن يرد الله بهم خيرا تبعوك، فوالله ما يجدون مثلك في السابقة والقرابة من محمد صلى الله عليه وسلم، وإن أبوا إلا حربنا استعنا بالله عليهم، ونرجو أن يصرعوا مصارع إخوانهم بالأمس.
قال: ثم وثب عبد الله بن بديل (5) بن ورقاء الخزاعي فقال: يا أمير المؤمنين!
إن أهل الشام لو كانوا لله عز وجل يقاتلون وإياه يريدون لما خالفونا، ولكنهم إنما يقاتلوننا على دنياهم التي في أيديهم وعلى إحن واتراث وعداوة يجدونها في