قال: فوثب عباس بن شريك العبسي فقال: يا أمير المؤمنين! إنه قد بلغنا أن صاحبنا هذا عبد الله بن المعتمر ممن يكاتب معاوية، فاحبسه عندك إلى أن تفرغ من غزاتك وإلا فأمكننا منه حتى نقلته.
قال: ثم وثب مالك (1) فقال: يا أمير المؤمنين! إن حنظلة بن الربيع (2) أيضا ممن يكاتب معاوية، فادفعه إلينا وإلا فاحبسه إلى أن تفرغ من أمرك.
قال: فقال علي رضي الله عنه: يا حنظلة ويا بن المعتمر! إني قد سمعت كلامكما والله بيني وبينكما وإليه أكلكما، فاذهبا حيث شئتما! قال: فهربا جميعا، فأما عبد الله بن المعتمر فصار إلى معاوية، وأما حنظلة فاعتزل الفريقين جميعا (3).
قال: ثم وثب عدي بن حاتم (4) الطائي فقال: يا أمير المؤمنين! إنك ما قلت إلا بعلم ولا دعوت إلا إلى الحق ولا أمرت إلا بالرشد، ولكن آن أن تتأنى بالقوم ولا تعجل بالمسير إليهم، وتبعث إليهم بكتبك وتقدم عليهم رسلك، فإن يقبلوا يصيبوا رشدهم، والعاقبة أوسع لنا ولهم، وإن ساروا (5) في الشقاق ولم ينزعوا عن الغي فسر وقد قدمنا إليهم العذر (6).
قال: فوثب زيد بن صوحان (7) العبدي فقال: والله! لئن كنا في شك من خلاف من خالفنا فإنه لا يصلح لنا البتة قتالهم، وكيف نتأنى بالقاسية قلوبهم، القليل في الاسلام حقهم، أعوان الظلم ومؤسسي أساس الحقد والظلم والعدوان، وليسوا من المهاجرين والأنصار ولا من التابعين بإحسان. قال: فقام رجل من بني طيء فقال: يا زيد بن صوحان (7)! أتهجر (8) كلام سيدنا عدي بن حاتم وتعترض عليه؟