يسأل (1)، فإذا برجل من قرن قد وثب إليه فقال له: يا أمير المؤمنين! إنك قد أكثرت السؤال عن أويس هذا، وما فينا أحد اسمه أويس إلا ابن أخ لي وأنا عمه، غير أنه أخمل ذكرا وأوهن (2) أمرا من أن يرفع إليك ذكره، قال: فسكت عمر وظن أنه ليس أويسا الذي يريد، ثم أقبل وقال: يا شيخ! وأين ابن أخيك هذا الذي تزعم، أهو معنا بالحرم؟ فقال الشيخ نعم يا أمير المؤمنين! هو معنا بالحرم، غير أنه في أراك عرفة يرعى إبلا لنا.
قال: فاستوى عمر بن الخطاب جالسا هو وعلي بن أبي طالب على حمارين لهما، وخرجا من مكة وأسرعا السير إلى عرفة وجعلا يتخللان الشجر، فإذا هما بأويس القرني في طمرين من صوف أبيض وقد صف قدميه قائما يصلي وقد رمى ببصره إلى موقع سجوده وألقى يده على صدره، فقال عمر لعلي: يا أبا الحسن! إن كان في الدنيا أويس القرني فهذا هو وهذه صفته، قال: ثم نزلا عن حماريهما فشداهما إلى أراكة، قال ثم أقبلا إليه يريدانه، فلما سمع أويس أوجز صلاته ثم تشهد وسلم، وتقدما إليه فقالا: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال أويس:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فقال له عمر: من أنت يرحمك الله؟ فقال:
راعي إبل، فقال عمر: ليس عن الرعاية أسألك، إنما أسألك عن اسمك، فمن أنت يرحمك الله؟ فقال: أنا عبد الله وابن عبده وابن أمته، فقال عمر: إننا قد علمنا أن كل من في السماوات والأرض عبيد الله، وإننا نقسم عليك بحق الحرم والمسجد المعظم إلا أخبرتنا باسمك الذي سمتك به أمك! فقال: أنا أويس بن عبد الله، فقال عمر: الله أكبر! نحب أن توضح لنا عن شقك الأيسر، فقال: وما حاجتكما إلى ذلك؟ فقال له علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفك لنا وقد وجدنا الصفة كما أخبرنا (3)، غير أنه أعلمنا أن بشقك الأيسر بياضا كمقدار الدينار والدرهم، ونحن نحب أن ننظر إلى ذلك، قال: فأوضح لهما عن شقه الأيسر، فلما نظر علي وعمر إلى اللمعة البيضاء ابتدراها أيهما يقبل قبل صاحبه، ثم بكيا طويلا وقالا: يا أويس!
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نقرئك منه السلام، وأمرنا أن نسألك أن تستغفر لنا، فإن