وكتب علي رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص:
لأصبحن العاص وابن العاصي * تسعين (1) ألفا عاقدي النواصي مستحقبين حلق الدلاصي * قد جنبوا الخيل مع القلاص (2) آساد غيل حين لا مناص فكتب عمرو بن العاص إلى علي رضي الله عنه أبياتا مطلعها:
ألست بالعاصي وشيخ العاصي * من معشر في غالب مصاص إلى آخرها.
قال: ثم كتب إليه قيس بن سعد بن عبادة أبياتا مطلعها:
معاوي قد كنت رخو الخناق * فألحقت حربا يضيق الخناقا إلى آخرها.
قال: فنادى علي في الناس فجمعهم، ثم خطبهم خطبة بليغة وقال: أيها الناس! إن معاوية بن أبي سفيان قد وادع ملك الروم، وسار إلى صفين في أهل الشام عازما على حربكم، فإن غلبتموهم استعانوا عليكم بالروم، وإن غلبوكم فلا حجاز ولا عراق، وقد زعم معاوية لأهل الشام أنهم أصبر منكم على الحرب، وهذا كلام يستحيل عن الحق، لأنكم المهاجرون والأنصار والتابعون، والقوم أهل شبهة وباطل، وإنما سميت شبهة لأنها تشبه الحق ولا يخلو أن يكون فيها رشح من الهدى، فخذوا في أهبة الحرب فقد تقارب إهراق دماء القاسطين، ألا! وإن المشورة فيها البركة، فهاتوا رحمكم الله ما عندكم.
قال: فقام إليه عمار بن ياسر فقال: يا أمير المؤمنين! إن استطعت أن لا تقيم يوما واحدا فافعل، واشخص (3) بنا إلى عدونا من قبل اجتماع عدونا على الصدور والفرقة، فإذا وافيت القوم فادعهم إلى حظهم ورشدهم، فإن قبلوا سعدوا، وإن أبوا إلا حربنا فوالله! إن سفك دمائهم، والجد في جهادهم لقربة إلى الله عز وجل وكرامة منه.