فإن يقبلوا يصيبوا ويرشدوا (1)، والعافية أوسع لنا ولهم. وإن يتمادوا في الشقاق ولا ينزعوا عن الغي فسر إليهم. وقد قدمنا إليهم العذر (2) ودعوناهم إلى ما في أيدينا من الحق، فوالله لهم من الله أبعد، وعلى الله أهون، من قوم قاتلناهم بناحية البصرة أمس، لما أجهد لهم الحق (3) فتركوه، ناوخناهم براكاء (4) القتال حتى بلغنا منهم ما نحب، وبلغ الله منهم رضاه فيما يرى ".
فقام زيد بن حصين الطائي - وكان من أصحاب البرانس (5) المجتهدين فقال: الحمد لله حتى يرضى، ولا إله إلا الله ربنا، ومحمد رسول الله نبينا.
إما بعد فوالله لئن كنا في شك من قتال من خالفنا، لا يصلح لنا النية في قتالهم حتى نستديمهم ونستأنيهم. ما الأعمال إلا في تباب، ولا السعي إلا في ضلال.
والله يقول: (وأما بنعمة ربك فحدث). إنا والله ما ارتبنا طرفة عين فيمن يبتغون دمه (6)، فكيف بأتباعه القاسية قلوبهم، القليل في الإسلام حظهم، أعوان الظلم ومسددي أساس الجور والعدوان (7). ليسوا من المهاجرين ولا الأنصار، ولا التابعين بإحسان.