أيا شرح يا بن السمط إنك بالغ * بأخذ (1) علي ما تريد من الامر (2) إلى آخرها.
قال: فلما سمع شرحبيل بن السمط هذا الشعر كأنه وقع بقلبه، ثم أقبل على عبد الرحمن بن غنم فقال: إني سمعت ما قلت وقد أحببت أن أسمع كلام معاوية في نفر من بني عمه. وكتب إليه الأسود بن عبد الله أبياتا من الشعر، فوافاه الكتاب من قبل أن يصير إلى معاوية مطلعها:
أيا شرح يا بن السمط لا تتبع الهوى * فما لك في الدنيا من الدين بالبدل (3) إلى آخرها.
قال: فلما تفهم شرحبيل هذا الشعر ذعر منه ذعرا شديدا وأفكر في أمره ثم قال: هذه والله نصيحة لي في ديني ودنياي! لا والله لا عجلت في هذا ا لامر بشيء وفي نفسي منه حاجة! قال: ثم سار حتى دخل على معاوية، فقربه معاوية وأدناه ثم قال: يا أبا السمط! إن جرير بن عبد الله قد أتى من الكوفة يدعو إلى بيعة علي بن أبي طالب، ولسنا نشك في علي أنه خير فاضل لولا أنه قتل الخليفة عثمان بن عفان، وقد حبست نفسي عليك لأنك رجل من سادات كندة وأنا واحد منكم، أرضى بما ترضون وأكره ما تكرهون، فهات ما عندك! فقال شرحبيل: إني سمعت مقالتك ولست أقضي على غائب، ولكن تؤخرني الليلة حتى أصبح وأسأل غيرك عن هذا الامر، فإن شهدا عندي رجلان من سادات أهل الشام أن عليا قتل عثمان صدقتك وقاتلت بين يديك أنا وجميع من أطاعني من قومي، ثم انصرف شرحبيل إلى رحله.