أيكم يجيب مسكين بن حنظلة على شعره هذا؟ فقال عبد الرحمن بن خالد بن الوليد: أنا أجيبه، فقال: أجبه يا بن الأخ! وألقى الكتاب إليه، فقال عبد الرحمن بن خالد أبياتا من الشعر مطلعها:
أتانا بإحدى المنكرات جرير * وخطب الذي يدعو إليه كبير إلى آخرها.
ثم عرض عبد الرحمن بن خالد شعره هذا على معاوية، فقال معاوية: ما رأيت شعر قرشي أضعف من شعرك، ثم قال: أنا أجيب عنك يا بن أخ وعن نفسي، ثم أنشأ يقول أبياتا من الشعر مطلعها:
قل لمن أرسل الرسول إليا * إن كل الذي تريد لديا إلى آخرها.
قال: وانصرف جرير إلى رحله ودخل معاوية إلى منزله، فلما جن عليه الليل رفع صوته وعنده نفر من أهل بيته، فأنشأ يقول أبياتا مطلعها (1):
تطاول ليلي واعترتني وساوسي * لآت أتي بالترهات البسابس (2) إلى آخرها (3).
فلما أصبح جرير أقبل إلى المسجد الأعظم فاجتمع إليه الناس وحضر معاوية، فجعل جرير يعظهم ويدعوهم إلى بيعة علي رضي الله عنه، ثم قال: أيها الناس! إن هذا الدين لا يحتمل الفتن، وإن الناس قد بايعوا عليا غير واتر ولا موتور، وقد كانت البصرة أمس ملحمة لم يسمع بمثلها، وقد بايعنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه